الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
الحيوان الميت بغير ذكاة شرعية . ومن شواهده قول الله تَعَالَى : ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﱪ المائدة :3.
الحيوان الميت بغير ذكاة شرعية.
التَّعْرِيفُ:
1 - تُطْلَقُ الْمَيْتَةُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ مِنَ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ. أَمَّا الْمِيتَةُ - بِكَسْرِ الْمِيمِ - فَهِيَ لِلْحَال وَالْهَيْئَةِ. يُقَال: مَاتَ مِيتَةً حَسَنَةً، وَمَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال الْجَصَّاصُ: الْمَيْتَةُ فِي الشَّرْعِ اسْمُ الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُذَكَّى، وَقَدْ يَكُونُ مَيْتَةً بِأَنْ يَمُوتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ لآِدَمِيِّ فِيهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَيْتَةً بِسَبَبِ فِعْل الآْدَمِيِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الذَّكَاةِ الْمُبِيحَةِ لَهُ (2) .
كَمَا تُطْلَقُ الْمَيْتَةُ شَرْعًا عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ، كَالْيَدِ وَالرِّجْل وَالأَْلْيَةِ وَغَيْرِهَا، سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُ مَأْكُولاً أَمْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ ﷺ: مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، فَهِيَ مَيْتَةٌ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّذْكِيَةُ:
2 - التَّذْكِيَةُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ ذَكَّى، وَالاِسْمُ الذَّكَاةُ، وَمَعْنَاهَا تَمَامُ الشَّيْءِ وَالذَّبْحُ، يُقَال: ذَكَّيْتُ الذَّبِيحَةَ إِذَا أَتْمَمْتُ ذَبْحَهَا، وَالْمُذَكَّاةُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ ذَكَّى.
وَالتَّذْكِيَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ الشَّرْعِيِّ هِيَ السَّبَبُ الْمُوصِل إِلَى حِل أَكْل الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ اخْتِيَارًا (4) ، وَقَدْ عَرَّفَهَا الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ: هِيَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْهَارِ الدَّمِ وَفَرْيِ الأَْوْدَاجِ فِي الْمَذْبُوحِ، وَالنَّحْرِ فِي الْمَنْحُورِ، وَالْعَقْرِ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، مَقْرُونًا ذَلِكَ بِنِيَّةِ الْقَصْدِ إِلَيْهِ، وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَيْتَةِ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى التَّضَادُّ مِنْ حَيْثُ أَنَّ الْمُذَكَّاةَ يَحِل أَكْلُهَا، أَمَّا الْمَيْتَةُ فَلاَ يَحِل أَكْلُهَا.
ب - الْمُنْخَنِقَةُ:
3 - الْمُنْخَنِقَةُ هِيَ الَّتِي تَمُوتُ خَنْقًا - بِحَبْلٍ أَوْ بِغَيْرِ حَبْلٍ - إِمَّا قَصْدًا، وَإِمَّا اتِّفَاقًا بِأَنْ تَتَخَبَّطَ الدَّابَّةُ فِي وِثَاقِهَا، فَتَمُوتَ بِهِ.
قَال الرَّازِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنْخَنِقَةَ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا: أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَخْنُقُونَ الشَّاةَ، فَإِذَا مَاتَتْ أَكَلُوهَا، وَمِنْهَا: مَا يُخْنَقُ بِحَبْل الصَّائِدِ. وَمِنْهَا: مَا يَدْخُل رَأْسُهَا بَيْنَ عُودَيْنِ فِي شَجَرَةٍ، فَتَخْتَنِقُ، فَتَمُوتُ. وَالْمُنْخَنِقَةُ مِنْ جِنْسِ الْمَيْتَةِ، لأَِنَّهَا لَمَّا مَاتَتْ وَمَا سَال دَمُهَا، كَانَتْ كَالْمَيِّتِ حَتْفَ أَنْفِهِ، إِلاَّ أَنَّهَا فَارَقَتِ الْمَيْتَةَ بِكَوْنِهَا تَمُوتُ بِسَبَبِ انْعِصَارِ الْحَلْقِ بِالْخَنْقِ (6) .
فَالْمَيْتَةُ أَعَمُّ مِنَ الْمُنْخَنِقَةِ.
ج - الْمَوْقُوذَةُ:
4 - الْمَوْقُوذَةُ هِيَ الَّتِي ضُرِبَتْ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، يُقَال: وَقَذَهَا وَأَوْقَذَهَا، إِذَا ضَرَبَهَا إِلَى أَنْ مَاتَتْ، وَيَدْخُل فِي الْمَوْقُوذَةِ مَا رُمِيَ بِالْبُنْدُقِ فَمَاتَ. قَال الضَّحَّاكُ: كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يَضْرِبُونَ الأَْنْعَامَ بِالْخَشَبِ لآِلِهَتِهِمْ حَتَّى يَقْتُلُوهَا، فَيَأْكُلُوهَا. وَالْمَوْقُوذَةُ مِنْ جِنْسِ الْمَيْتَةِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَاتَتْ دُونَ تَذْكِيَةٍ (7) .
وَالْمَيْتَةُ أَعَمُّ مِنَ الْمَوْقُوذَةِ.
د - الْمُتَرَدِّيَةُ:
5 - الْمُتَرَدِّي: هُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّدَى، وَهُوَ الْهَلاَكُ. وَالْمُتَرَدِّيَةُ: هِيَ الَّتِي تَقَعُ مِنْ جَبَلٍ، أَوْ تَطِيحُ فِي بِئْرٍ، أَوْ تَسْقُطُ مِنْ شَاهِقٍ، فَتَمُوتُ. وَالْمُتَرَدِّيَةُ مِنْ جِنْسِ الْمَيْتَةِ، لأَِنَّهَا مَاتَتْ دُونَ تَذْكِيَةٍ (8) .
وَالْمَيْتَةُ أَعَمُّ مِنَ الْمُتَرَدِّيَةِ.
هـ - النَّطِيحَةُ:
6 - النَّطِيحَةُ هِيَ الْمَنْطُوحَةُ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، وَذَلِكَ مِثْل كَبْشَيْنِ تَنَاطَحَا إِلَى أَنْ مَاتَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا.
وَالنَّطِيحَةُ مِنَ الْمَيْتَةِ، لأَِنَّهَا مَاتَتْ مِنْ غَيْرِ تَذْكِيَةٍ (9) .
وَالْمَيْتَةُ أَعَمُّ مِنَ النَّطِيحَةِ. و - الْمَيِّتُ:
7 - الْمَيِّتُ فِي اللُّغَةِ - بِالتَّشْدِيدِ وَيُخَفَّفُ - يُقَال: مَيِّتٌ وَمَيْتٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَّكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، قَال تَعَالَى: لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا (10) ، وَقَال: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُل مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} (11) ، وَالْمَيِّتُ هُوَ الَّذِي فَارَقَ الْحَيَاةَ، وَجَمْعُهُ أَمْوَاتٌ وَمَوْتَى (12) .
وَاصْطِلاَحًا: هُوَ الَّذِي فَارَقَ الْحَيَاةَ، وَالْمَوْتَى جَمْعُ مَنْ يَعْقِل، وَالْمَيِّتُونَ مُخْتَصٌّ بِذُكُورِ الْعُقَلاَءِ، وَالْمَيِّتَاتُ بِالتَّشْدِيدِ مُخْتَصَّةٌ لإِِنَاثِهِمْ، وَبِالتَّخْفِيفِ لِلْحَيَوَانَاتِ (13) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَةِ هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ فَارَقَ الْحَيَاةَ.
ز - الذَّبِيحَةُ عَلَى النُّصُبِ
8 - النُّصُبُ هِيَ حِجَارَةٌ كَانَتْ مَنْصُوبَةً حَوْل الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا وَيَشْرَحُونَ اللَّحْمَ عَلَيْهَا، وَيُعَظِّمُونَهَا بِذَلِكَ، وَيَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَيْهَا، قَال ابْنُ جُزَيٍّ: وَلَيْسَتْ هِيَ بِالأَْصْنَامِ، لأَِنَّ الأَْصْنَامَ مُصَوَّرَةٌ، وَالنُّصُبُ غَيْرُ مُصَوَّرَةٍ، وَتُسَمَّى الأَْنْصَابَ، وَالْمُفْرَدُ نِصَابٌ، وَقِيل: إِنَّ النُّصُبَ مُفْرَدٌ، وَجَمْعُهُ أَنْصَابٌ (14) .
وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ دَاخِلٌ فِي الْمَيْتَةِ فِي الاِصْطِلاَحِ الشَّرْعِيِّ، وَالْمَيْتَةُ أَعَمُّ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ.
ج - أَكِيلَةُ السَّبُعِ:
9 - أَكِيلَةُ السَّبُعِ هِيَ مَا بَقِيَ مِمَّا أَكَلَهُ السَّبُعُ أَوِ افْتَرَسَهُ مِنَ الْمَاشِيَةِ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا جَرَحَ السَّبُعُ شَيْئًا فَقَتَلَهُ، وَأَكَل بَعْضَهُ، أَكَلُوا مَا بَقِيَ فَحَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (15) .
وَأَكِيلَةُ السَّبُعِ دَاخِلَةٌ فِي الْمَيْتَةِ فِي الاِصْطِلاَحِ الشَّرْعِيِّ، وَالْمَيْتَةُ أَعَمُّ مِنْهَا.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَيْتَةِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْمَيْتَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
حُرْمَةُ أَكْل الْمَيْتَةِ:
10 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ أَكْل الْمَيْتَةِ فِي حَالَةِ السَّعَةِ وَالاِخْتِيَارِ (16) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: 00 {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (17) .
وَقَدْ عَبَّرَ الإِْمَامُ الرَّازِيُّ عَنْ حِكْمَةِ تَحْرِيمِ أَكْل الْمَيْتَةِ الَّتِي نَفَقَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا بِقَوْلِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعُقُول، لأَِنَّ الدَّمَ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ جِدًّا، فَإِذَا مَاتَ الْحَيَوَانُ حَتْفَ أَنْفِهِ احْتَبَسَ الدَّمُ فِي عُرُوقِهِ وَتَعَفَّنَ وَفَسَدَ، وَحَصَل مِنْ أَكْلِهِ مَضَارُّ عَظِيمَةٌ (18) .
وَأَمَّا حِكْمَةُ تَحْرِيمِ أَكْل الْمَيْتَةِ الَّتِي قُتِلَتْ عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ (أَيْ بِدُونِ تَذْكِيَةٍ) فَقَدْ أَوْضَحَهَا الإُْمَامُ ابْنُ الْقُيِّمِ بِقَوْلِهِ: فَلأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ عَلَيْنَا الْخَبَائِثَ، وَالْخَبَثُ الْمُوجِبُ لِلتَّحْرِيمِ قَدْ يَظْهَرُ لَنَا وَقَدْ يَخْفَى، فَمَا كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَنْصِبْ عَلَيْهِ الشَّارِعُ عَلاَمَةً غَيْرَ وَصْفِهِ، وَمَا كَانَ خَفِيًّا نَصَبَ عَلَيْهِ عَلاَمَةً تَدُل عَلَى خَبَثِهِ.
فَاحْتِقَانُ الدَّمِ فِي الْمَيْتَةِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ وَمَنْ أَهَل بِذَبِيحَتِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَنَفْسُ ذَبِيحَةِ هَؤُلاَءِ أَكْسَبَتِ الْمَذْبُوحَ خَبَثًا أَوْجَبَ تَحْرِيمَهُ، وَلاَ يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ اسْمِ الأَْوْثَانِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْجِنِّ عَلَى الذَّبِيحَةِ يُكْسِبُهَا خَبَثًا، وَذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ وَحْدَهُ يُكْسِبُهَا طِيبًا إِلاَّ مَنْ قَل نَصِيبُهُ مِنْ حَقَائِقِ الْعِلْمِ وَالإِْيمَانِ وَذَوْقِ الشَّرِيعَةِ (19) .
11 - وَأَمَّا فِي حَالَةِ الإِْلْجَاءِ وَالاِضْطِرَارِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ أَكْل الْمَيْتَةِ عِنْدَئِذٍ، فَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى أَكْل الْمَيْتَةِ إِمَّا بِإِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ بِجُوعٍ فِي مَخْمَصَةٍ أَوْ بِفَقْرٍ لاَ يَجِدُ مَعَهُ غَيْرَ الْمَيْتَةِ، حَل لَهُ ذَلِكَ لِدَاعِي الضَّرُورَةِ (20) ، حَيْثُ جَاءَ فِي التَّنْزِيل بَعْدَ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (21) ، وَقَال سُبْحَانَهُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (22) .
قَال الزَّيْلَعِيُّ: فَظَهَرَ أَنَّ التَّحْرِيمَ مَخْصُوصٌ بِحَالَةِ الاِخْتِيَارِ، وَفِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ مُبَاحٌ (23) ، لأَِنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ (24) .
12 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَدِّ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لأَِكْل الْمَيْتَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلاَكَ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ (25) .
الثَّانِي: أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ طُول مُدَّتِهِ، أَوِ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ، أَوْ خَوْفَ ضَعْفٍ عَنْ مَشْيٍ أَوْ رُكُوبٍ، فَيُسَمَّى هَذَا الْخَائِفُ مُضْطَرًّا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (26) .
الثَّالِثُ: خَوْفُ التَّلَفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بِتَرْكِهِ الأَْكْل، وَيَحْصُل ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لاَ يَجِدُ فِيهِ غَيْرَ الْمَيْتَةِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا مَوْجُودًا، وَلَكِنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِهَا بِوَعِيدٍ يَخَافُ مِنْهُ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ بَعْضَ أَعْضَائِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (27) .
هَذَا فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الآْدَمِيِّ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الآْدَمِيِّ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (ضَرُورَةٌ ف 10) .
13 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ أَكْل الْمَيْتَةِ عِنْدَ الاِضْطِرَارِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: الْوُجُوبُ، فَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى أَكْل الْمَيْتَةِ، وَجَبَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهَا، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الأَْكْل وَصَبَرَ حَتَّى مَاتَ أَثِمَ، وَهُوَ قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ (28) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: 00 {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (29) حَيْثُ أَنَّ تَرْكَ الأَْكْل مَعَ إِمْكَانِهِ فِي هَذِهِ الْحَال إِلْقَاءٌ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (30) ، وَلأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ نَفْسِهِ بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ طَعَامٌ حَلاَلٌ (31) .
الثَّانِي. الإِْبَاحَةُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَسَحْنُونٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَبِي إِسَحَاقَ الشِّيرَازِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَعَلَى ذَلِكَ: فَلَوِ امْتَنَعَ الْمُضْطَرُّ عَنْ أَكْلِهَا حَتَّى مَاتَ، فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ (32) ، لأَِنَّ إِبَاحَةَ الأَْكْل رُخْصَةٌ، فَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الرُّخَصِ. وَلأَِنَّ لَهُ غَرَضًا فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَالأَْخْذِ بِالْعَزِيمَةِ، وَرُبَّمَا لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِتَنَاوُل الْمَيْتَةِ، وَفَارَقَ الْحَلاَل فِي الأَْصْل مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ (33) .
الثَّالِثُ: النَّدْبُ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ (34) . وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ (ضَرُورَةٌ ف 10، أَطْعِمَةٌ ف 90) .
مِقْدَارُ مَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُلُهُ مِنَ الْمَيْتَةِ
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ مَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُلُهُ مِنَ الْمَيْتَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ إِلاَّ قَدْرَ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ (35) ، أَيْ: مَا يَحْفَظُ بِهِ حَيَاتَهُ، قَال الصَّاوِيُّ: الْمُرَادُ بِالرَّمَقِ: الْحَيَاةُ، وَسَدُّهَا: حِفْظُهَا (36) .
لأَِنَّ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا (37) ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ، وَاسْتَثْنَى مَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ، فَإِذَا انْدَفَعَتِ الضَّرُورَةُ، عَادَتِ الْحُرْمَةُ كَحَالَةِ الاِبْتِدَاءِ (38) .
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ بَعْدَ سَدِّ الرَّمَقِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ، فَزَال الْحُكْمُ بِزَوَال عِلَّتِهِ، لأَِنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُقَرَّرَةَ أَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا (39) .
الثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ حَتَّى يَشْبَعَ، لأَِنَّ الضَّرُورَةَ تَرْفَعُ التَّحْرِيمَ، فَتَعُودُ مُبَاحَةً كَسَائِرِ الأَْطْعِمَةِ (40) ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ ﵁ أَنَّ رَجُلاً نَزَل الْحَرَّةَ، فَنَفَقَتْ عِنْدَهُ نَاقَةٌ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اسْلُخْهَا حَتَّى نُقَدِّدَ شَحْمَهَا وَلَحْمَهَا وَنَأْكُلَهُ، فَقَال: حَتَّى أَسْأَل رَسُول اللَّهِ ﷺ فَسَأَلَهُ فَقَال: هَل عِنْدَكَ غِنًى يُغْنِيكَ؟ قَال: لاَ، قَال: فَكُلُوهَا (41) . الثَّالِثُ: لِعُبَيْدِ الَّلهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ: وَهُوَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْهَا مَا يَسُدُّ جُوعَهُ، وَذَلِكَ فَوْقَ قَدْرِ إِمْسَاكِ الرَّمَقِ (42) .
تَزَوُّدُ الْمُضْطَرِّ بِالْمَيْتَةِ:
15 - إِذَا خَشِيَ الْمُضْطَرُّ اسْتِمْرَارَ حَالَةِ الضَّرُورَةِ، فَهَل يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّدُ مِنَ الْمَيْتَةِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الأَْصَحِّ، وَهُوَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنِ اسْتَغْنَى عَنْهَا طَرَحَهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي اسْتِصْحَابِهَا وَلاَ فِي إِعْدَادِهَا لِدَفْعِ ضَرُورَتِهِ وَقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَلاَ يَأْكُل مِنْهَا إِلاَّ عِنْدَ ضَرُورَتِهِ (43) . وَالثَّانِي: لأَِحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ تَوَسَّعَ فِيمَا لَمْ يُبَحْ إِلاَّ لِلضَّرُورَةٍ (44) .
حُكْمُ التَّدَاوِي بِالْمَيْتَةِ
16 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّدَاوِي بِالْمَيْتَةِ إِذَا احْتِيجَ إِلَى تَنَاوُلِهَا لِلْعِلاَجِ، بِأَنْ عَلِمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ فِيهَا شِفَاءً، وَلَمْ يَجِدْ دَوَاءً غَيْرَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُنْفَرِدَةً أَمْ مَخْلُوطَةً بِغَيْرِهَا فِي بَعْضِ الأَْدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الإِْبَاحَةُ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (45) لأَِنَّهُ ﷺ أَبَاحَ لِلْعُرَنِيِّينَ شُرْبَ أَبْوَال الإِْبِل وَأَلْبَانِهَا لِلتَّدَاوِي (46) ، قَال العز بن عبد السلام: لأَِنَّ مَصْلَحَةَ الْعَافِيَةِ وَالسَّلاَمَةِ أَكْمَل مِنْ مَصْلَحَةِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ (47) . وَالثَّانِي: عَدَمُ الْجَوَازِ. وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (48) ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا. (49)
قَال ابن القيم: وَالْمُعَالَجَةُ بِالْمُحَرَّمَاتِ قَبِيحَةٌ عَقْلاً وَشَرْعًا، أَمَّا الشَّرْعُ فَلِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَأَمَّا الْعَقْل، فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا حَرَّمَهُ لِخُبْثِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى هَذِهِ الأُْمَّةِ طَيِّبًا عُقُوبَةً لَهَا، كَمَا حَرَّمَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل بِقَوْلِهِ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} (50) ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى هَذِهِ الأُْمَّةِ مَا حَرَّمَ لِخَبَثِهِ، وَتَحْرِيمُهُ لَهُ حَمِيَّةً لَهُمْ، وَصِيَانَةً عَنْ تَنَاوُلِهِ، فَلاَ يُنَاسِبُ أَنْ يُطْلَبَ بِهِ الشِّفَاءُ مِنَ الأَْسْقَامِ وَالْعِلَل، فَإِنَّهُ وَإِنْ أَثَّرَ فِي إِزَالَتِهَا، لَكِنَّهُ يُعْقِبُ سُمًّا أَعْظَمَ مِنْهُ فِي الْقَلْبِ بِقُوَّةِ الْخُبْثِ الَّذِي فِيهِ، فَيَكُونُ الْمُدَاوَى بِهِ قَدْ سَعَى فِي إِزَالَةِ سَقَمِ الْبَدَنِ بِسَقَمِ الْقَلْبِ (51) .
نَجَاسَةُ الْمَيْتَةِ
17 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الْمَيْتَةَ نَجِسَةُ الْعَيْنِ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَهَا بِقَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (52) ، وَوَصَفَهَا بِالرِّجْسِ فِي قَوْلِهِ: {قُل لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (53) وَالرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْقَذَرُ وَالنَّجَسُ، وَحَكَى الرَّازِيُّ الإِْجْمَاعَ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ (54) ، هَذَا فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الآْدَمِيِّ، أَمَّا مَيْتَةُ الآْدَمِيِّ فَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (نَجَاسَةٌ) .
نَجَاسَةُ إِنْفَحَةِ الْمَيْتَةِ
18 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ إِنْفَحَةِ الْمَيْتَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ، حَيْثُ إِنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَل فِي صِنَاعَةِ الْجُبْنِ، وَذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَالْجُبْنُ الْمَعْقُودُ بِهَا مُتَنَجِّسٌ، لاَ يَحِل أَكْلُهُ، لأَِنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ تَحْرِيمٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَمِنْهَا الإِْنْفَحَةُ.
وَالثَّانِي: لأَِبِيْ يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَائِعَةً فَهِيَ نَجِسَةٌ لِنَجَاسَةِ وِعَائِهَا، وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً يُغْسَل ظَاهِرُهَا وَتُؤْكَل.
وَالثَّالِثُ: لأَِبِيْ حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ رَجَّحَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهُوَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ لَمَّا دَخَلُوا الْمَدَائِنَ أَكَلُوا الْجُبْنَ، وَهُوَ يُعْمَل بِالإِْنْفَحَةِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ، وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ (55) .
نَجَاسَةُ لَبَنِ الْمَيْتَةِ:
19 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ اللَّبَنِ الْخَارِجِ مِنْ مَيْتَةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لأَِبِيْ حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ طَاهِرٌ مَأْكُولٌ شَرْعًا (56) ، وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ ﷿: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَْنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} (57) ، حَيْثُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَالِصًا، فَلاَ يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ مَجْرَاهُ، وَوَصَفَهُ بِكَوْنِهِ سَائِغًا، وَهَذَا يَقْتَضِي الْحِل، وَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِهِ، وَالْمِنَّةُ بِالْحَلاَل لاَ بِالْحَرَامِ.
وَالثَّانِي: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالصَّاحِبَيْنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ نَجِسٌ، لاَ يَحِل تَنَاوُلُهُ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (58) حَيْثُ إِنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ تَحْرِيمٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَمِنْهَا اللَّبَنُ، وَلأَِنَّهُ مَائِعٌ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ، فَتَنَجَّسَ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ حُلِبَ فِي إِنَاءٍ نَجِسٍ (59) . نَجَاسَةُ الْبَيْضِ الْخَارِجِ مِنَ الْمَيْتَةِ:
20 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ الْبَيْضِ الْمُنْفَصِل عَنْ مَيْتَةِ مَأْكُول اللَّحْمِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: لِلْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْضَةَ الَّتِي أُخْرِجَتْ مِنْ جَوْفِ مَيْتَةِ الدَّجَاجِ إِذَا صَلُبَتْ قِشْرَتُهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَيَحِل أَكْلُهَا، لأَِنَّ الْقِشْرَةَ إِذَا صَلُبَتْ حَجَزَتْ بَيْنَ الْمَأْكُول وَبَيْنَ الْمَيْتَةِ، فَتَحِل.
أَمَّا قَبْل تَصَلُّبِ قِشْرَتِهَا فَهِيَ نَجِسَةٌ لاَ تُؤْكَل (60) .
وَلأَِنَّهَا لَيْسَتْ جُزْءًا مِنَ الْمَيْتَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مُودَعَةٌ فِيهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِهَا فَأَشْبَهَتِ الْوَلَدَ إِذَا خَرَجَ حَيًّا مِنَ الْمَيْتَةِ، وَلأَِنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ حَيَوَانٍ يُخْلَقُ مِنْهَا مِثْل أَصْلِهَا، فَأَشْبَهَتِ الْوَلَدَ الْحَيَّ، وَلاَ خِلاَفَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْبَيْضَةِ نَجِسٌ (61) .
وَالثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَجُوزُ أَكْلُهَا مُطْلَقًا، سَوَاءٌ اشْتَدَّ قِشْرُهَا أَوْ لَمْ يَشْتَدَّ (62) .
وَالثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ مُطْلَقًا، وَلاَ يَحِل أَكْلُهَا، لأَِنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الْمَيْتَةِ (63) .
وَالتَّفْصِيل فِي (أَطْعِمَةٌ ف 81) .
مَا يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ مِنَ الْمَيْتَةِ
21 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَيْتَةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ ثَمَّةَ اخْتِلاَفٌ فِي ذَلِكَ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي: أ - جِلْدُ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ
22 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي نَجَاسَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْل دَبْغِهِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَتِهِ بِالدِّبَاغِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ (64) :
الأَْوَّل: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّ جُلُودَ الْمَيْتَةِ تَطْهُرُ كُلُّهَا بِالدِّبَاغِ إِلاَّ الْخِنْزِيرَ، وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا جِلْدَ الْكَلْبِ. الثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَشْهُورِ وَهُوَ عَدَمُ طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغَةِ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: لَكِنْ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِذَلِكَ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ وَاسْتِعْمَالُهُ مَعَ نَجَاسَتِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَفِي الْمَاءِ وَحْدَهُ دُونَ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ.
الثَّالِثُ: لأَِبِيْ يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَلِسَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْجُلُودِ تَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ حَتَّى الْخِنْزِيرُ.
الرَّابِعُ: لأَِحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَيْتَةِ مَا كَانَ طَاهِرًا حَال الْحَيَاةِ.
الْخَامِسُ: لِلأَْوْزَاعِيِّ وَأَبِيْ َثْورٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ طَهَارَةُ جُلُودِ مَيْتَةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ فَقَطْ.
(ر: دِبَاغَةٌ ف 9 وَمَا بَعْدَهَا) .
ب - صُوفُ الْمَيْتَةِ وَشَعْرُهَا:
23 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِنْتِفَاعِ بِصُوفِ وَشَعْرِ وَوَبَرِ مَيْتَةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ عَلَى قَوْلَيْنِ (65) : الأَْوَّل: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَنَّ صُوفَ الْمَيْتَةِ وَشَعْرَهَا وَوَبَرَهَا طَاهِرٌ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَابْنِ اْلمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (66) ، فَعَمَّ اللَّهُ الْجَمِيعَ بِالإِْبَاحَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْمُذَكَّى مِنْهَا وَبَيْنَ الْمَيْتَةِ، وَلأَِنَّهُ ﷿ ذَكَرَ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ فِي مَعْرِضِ الْمِنَّةِ، وَالْمِنَّةُ لاَ تَقَعُ بِالنَّجِسِ الَّذِي لاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ فِي الْمَيْتَةِ: إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا (67) .
قَال الْجَصَّاُصُ: فَأَبَانَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالْعَظْمُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْمَأْكُول لَمْ يَتَنَاوَلْهَا التَّحْرِيمُ (68) . كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ هَذِهِ الشُّعُورَ وَالأَْصْوَافَ وَالأَْوْبَارَ أَجْسَامٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا، لِعَدَمِ تَعَرُّضِهَا لِلتَّعَفُّنِ وَالْفَسَادِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِطَهَارَتِهَا كَالْجُلُودِ الْمَدْبُوغَةِ، وَلأَِنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ لَيْسَتْ لأَِعْيَانِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ.
قَال الْقَرَافِيُّ: وَحُجَّتُنَا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَبْل الْمَوْتِ، فَتَكُونُ طَاهِرَةً بَعْدَهُ، عَمَلاً بِالاِسْتِصْحَابِ (69) ، وَلأَِنَّ الْمَوْتَ لاَ يَلْحَقُهَا، إِذِ الْمَوْتُ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى يَحِل بَعْدَ عَدَمِ الْحَيَاةِ، وَلَمْ تَكُنِ الْحَيَاةُ فِي الصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالشَّعْرِ، فَيَخْلُفَهَا الْمَوْتُ فِيهَا (70) .
الثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّ صُوفَ الْمَيْتَةِ وَشَعْرَهَا وَوَبَرَهَا نَجِسٌ لاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الْمَيْتَةِ، وقَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (71) عَامٌّ فِي تَحْرِيمِ سَائِرِ أَجْزَائِهَا.
ج - عَظْمُ الْمَيْتَةِ وَقَرْنُهَا:
24 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِنْتِفَاعِ بِعَظْمِ الْمَيْتَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ وَقَرْنِهَا وَظِلْفِهَا وَظُفُرِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ لاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَال مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّةٍ} (72) حَيْثُ دَل عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ حَيَّةً، فَصَارَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ مَيْتَةً، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا مَيْتَةٌ، وَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ الاِنْتِفَاعُ بِهَا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (73) .
وَالثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ اخْتَارَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهُوَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا أَجْسَامٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا، غَيْرُ مُتَعَرِّضَةٍ لِلتَّعَفُّنِ وَالْفَسَادِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِطَهَارَتِهَا، كَالْجُلُودِ الْمَدْبُوغَةِ، وَلأَِنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ لَيْسَتْ لأَِعْيَانِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ (74) . د - إِطْعَامُ الْمَيْتَةِ لِلْحَيَوَانِ:
25 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَيْتَةِ بِإِطْعَامِهَا لِلدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ أَوِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالطَّيْرِ وَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ وَنَحْوِهِمْ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِك، لأَِنَّهُ إِذَا أَطْعَمَ الْمَيْتَةَ لِلْحَيَوَانِ فَقَدِ انْتَفَعَ بِتِلْكَ الْمَيْتَةِ، وقَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (75) دَالٌّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِهَا (76) .
قَال الْجَصَّاصُ: قَال أَصْحَابُنَا: لاَ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِالْمَيْتَةِ عَلَى وَجْهٍ، وَلاَ يُطْعِمُهَا الْكِلاَبَ وَالْجَوَارِحَ، لأَِنَّ ذَلِك ضَرْبٌ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْمَيْتَةَ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا مُعَلَّقًا بِعَيْنِهَا، مُؤَكَّدًا بِهِ حُكْمُ الْحَظْرِ، فَلاَ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إِلاَّ أَنْ يُخَصَّ شَيْءٌ مِنْهَا بِدَلِيلٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ بِهِ (77) .
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: قَال أَحْمَدُ: لاَ أَرَى أَنْ يُطْعِمَ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ الْمَيْتَةَ، وَلاَ الطَّيْرَ الْمُعَلَّمَ، لأَِنَّهُ يُضْرِيهِ عَلَى الْمَيْتَةِ، فَإِنْ أَكَل الْكَلْبُ فَلاَ أَرَى صَاحِبَهُ حَرَجًا، وَلَعَل أَحْمَدَ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ إِذَا صَادَ وَقَتَل أَكَل مِنْهُ، لِتَضْرِيَتِهِ بِإِطْعَامِهِ الْمَيْتَةَ (78) .
وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ جَوَازُ إِطْعَامِ كَلْبِهِ وَطَيْرِهِ الْبَازِي الْمُعَلَّمِ الْمَيْتَةَ، وَكَذَا عَلْفُ دَوَابِّهِ الَّتِي لاَ يُؤْكَل لَحْمُهَا الْمَيْتَةَ، لأَِنَّ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ لَيْسَتْ بِمَأْكُولَةِ اللَّحْمِ، وَلأَِنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْمَيْتَةِ فِيمَا يَجْرِي مَجْرَى الإِْتْلاَفِ، وَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ.
قَال الْحَنَابِلَةُ: وَكَذَا يُبَاحُ أَنْ يَعْلِفَ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ كَالأَْنْعَامِ الأَْطْعِمَةَ النَّجِسَةَ إِذَا كَانَ لاَ يُرَادُ ذَبْحُهَا أَوْ حَلْبُهَا قَرِيبًا، لأَِنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهَا فِي الْمَرْعَى عَلَى اخْتِيَارِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تَرْعَى النَّجَاسَةَ، وَيَحْرُمُ عَلْفُهَا النَّجَاسَةَ إِذَا كَانَتْ تُؤْكَل قَرِيبًا أَوْ تُحْلَبُ قَرِيبًا، وَإِنْ تَأَخَّرَ الذَّبْحُ أَوِ الْحَلْبُ (79) .
وَالثَّالِثُ: لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ جَوَازُ عَلْفِ الدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانَاتِ مُطْلَقًا الطَّعَامَ النَّجِسَ، مَا أُكِل لَحْمُهُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُؤْكَل، قَال ابْنُ الْجَلاَّبِ: وَلاَ بَأْسَ بِعَلْفِ الدَّوَابِّ الطَّعَامَ النَّجِسَ مَا أُكِل لَحْمُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَل لَحْمُهُ (80) .
هـ - طِلاَءُ الْجُلُودِ وَالسُّفُنِ وَالاِسْتِصْبَاحُ بِدُهْنِ الْمَيْتَةِ
26 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِدُهْنِ الْمَيْتَةِ بِاسْتِصْبَاحٍ وَلاَ غَيْرِهِ، وَلاَ أَنْ تُطْلَى بِهِ ظُهُورُ السُّفُنِ وَالْجُلُودِ (81) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالأَْصْنَامَ فَقِيل: يَا رَسُول اللَّهِ، شُحُومُ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَال: لاَ، هُوَ حَرَامٌ. ثُمَّ قَال ﷺ: قَاتَل اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا، جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ (82) . حَيْثُ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﵊ أَنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَهُ عَلَى الإِْطْلاَقِ، وَدَخَل تَحْتَ تَحْرِيمِهِ سَائِرُ ضُرُوبِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ، وَمِنْهَا الْبَيْعُ.
وَالثَّانِي: لِعَطَاءٍ وَهُوَ جَوَازُ دَهْنِ ظُهُورِ السُّفُنِ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ (83) .
وَالثَّالِثُ: لاِبْنِ تَيْمِيَّةَ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِالنَّجَاسَاتِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَغَيْرُهُ.
وَحَكَى أَنَّ الإِْمَامَ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إِلَى ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ (84) .
الْمَيْتَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنَ التَّحْرِيمِ
27 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى طَهَارَةِ مَيْتَةِ الْبَحْرِ وَجَوَازِ أَكْلِهَا (85) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِل لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (86) ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ مَا صِيدَ مِنْهُ، وَطَعَامَهُ مَا مَاتَ فِيهِ (87) .
وَلِقَوْلِهِ ﷺ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِل مَيْتَتُهُ (88) .
كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى طَهَارَةِ مَيْتَةِ الْجَرَادِ، وَجَوَازِ أَكْلِهَا لِقَوْلِهِ ﷺ: أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَال (89) .
وَقَدْ عَلَّل ابْنُ الْقَيِّمِ ذَلِكَ الْحُكْمَ الاِسْتِثْنَائِيَّ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الْمَيْتَةَ إِنَّمَا حُرِّمَتْ لاِحْتِقَانِ الرُّطُوبَاتِ وَالْفَضَلاَتِ وَالدَّمِ الْخَبِيثِ فِيهَا، وَالذَّكَاةُ لَمَّا كَانَتْ تُزِيل ذَلِكَ الدَّمَ وَالْفَضَلاَتِ كَانَتْ سَبَبَ الْحِل، وَإِلاَّ فَالْمَوْتُ لاَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، فَإِنَّهُ حَاصِلٌ بِالذَّكَاةِ كَمَا يَحْصُل بِغَيْرِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَيَوَانِ دَمٌ وَفَضَلاَتٌ تُزِيلُهَا الذَّكَاةُ لَمْ يَحْرُمْ بِالْمَوْتِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِحِلِّهِ ذَكَاةٌ كَالْجَرَادِ، وَلِهَذَا لاَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ مَا لاَ نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً كَالذُّبَابِ وَالنَّحْلَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَالسَّمَكُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ دَمٌ وَفَضَلاَتٌ تَحْتَقِنُ بِمَوْتِهِ لَمْ يَحِل لِمَوْتِهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ (1) .
(ر: أَطْعِمَةٌ ف 15، 53) .
__________
(1) القاموس المحيط، والمصباح المنير، وتحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص 94، وتهذيب الأسماء واللغات 2 / 146، وأنيس الفقهاء للقونوي ص 123.
(2) أحكام القرآن للجصاص 1 / 132.
(3) حديث: " ما قطع من البهيمة. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 277 ط حمص) ، والترمذي (4 / 74 ط الحلبي) من حديث أبي واقد الليثي وقال الترمذي: حسن غريب.
(4) المصباح المنير، ورد المحتار 5 / 186، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 300، والخرشي 3 / 2، وكشاف القناع 6 / 201، وكفاية الأخيار 2 / 137، وبداية المجتهد 1 / 447، والتفريغ لابن الجلاب 1 / 401، والكافي لابن عبد البر 1 / 428 - ط الرياض.
(5) أحكام القرآن لابن العربي 2 / 541.
(6) تفسير الفخر الرازي 11 / 133، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 538، والكشاف 1 / 322.
(7) أحكام القرآن لابن العربي 2 / 538، والتسهيل لعلوم التنزيل ص 167، وتفسير الفخر الرازي 11 / 133، والكشاف 1 / 322، وأحكام القرآن للكيا الهراس 3 / 42، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 297.
(8) الكشاف للزمخشري 1 / 322، والتسهيل لابن جزي ص 167، وتفسير الرازي 11 / 133.
(9) أحكام القرآن لابن العربي 2 / 538، والكشاف 1 / 322، وتفسير الرازي 11 / 133، والتسهيل ص 167، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 298.
(10) سورة الفرقان / 49.
(11) سورة إبراهيم / 17.
(12) لسان العرب، والمعجم الوسيط.
(13) قواعد الفقه للبركتي.
(14) التسهيل لابن جزي ص 168، والكشاف 1 / 322، وتفسير الرازي 11 / 134.
(15) تفسير الرازي 11 / 134، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 539.
(16) تبيين الحقائق 5 / 185، والكافي لابن عبد البر 1 / 439 - ط الرياض، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 52، ولباب اللباب لابن راشد القفصي ص 75، وبداية المجتهد 1 / 440 و 465، وشرح منتهى الإرادات 3 / 396، والمبدع 9 / 193، وكشاف القناع 6 / 188، والمغني لابن قدامة 13 / 330 (ط هجر) .
(17) سورة البقرة / 173.
(18) تفسير الرازي 11 / 132.
(19) إعلام الموقعين 2 / 154.
(20) أحكام القرآن للجصاص 1 / 156 - 159، ورد المحتار 5 / 215، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55، والمغني لابن قدامة 13 / 330.
(21) سورة البقرة / 173.
(22) سورة المائدة / 3.
(23) تبيين الحقائق 5 / 185.
(24) المادة 21 من مجلة الأحكام العدلية، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 94، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 84، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 317، وإيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي ص 365.
(25) الخرشي 3 / 28، وعقد الجواهر الثمينة 1 / 603، والكافي لابن عبد البر 1 / 439 - ط الرياض، والقوانين الفقهية ص 178، ولباب اللباب للقفصي ص 75، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55، وبداية المجتهد 1 / 476، والذخيرة للقرافي 4 / 109.
(26) مغني المحتاج 4 / 306، والمجموع للنووي 9 / 42، وتحفة المحتاج 9 / 390، وكشاف القناع 6 / 194، وشرح المنتهى 3 / 400، وكفاية الأخيار 2 / 144.
(27) أحكام القرآن للجصاص 1 / 159، وتبيين الحقائق 5 / 185.
(28) رد المحتار 5 / 215، وتبيين الحقائق 5 / 185، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 157، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 56، والتسهيل لابن جزي ص 69، والمجموع للنووي 9 / 42، ومغني المحتاج 4 / 306، وكشاف القناع 6 / 194، وشرح المنتهى 3 / 400، والمبدع 9 / 205، والمغني 13 / 331، وعدة الصابرين لابن القيم ص 30، والذخيرة 4 / 110، والإنصاف 10 / 37.
(29) سورة البقرة / 195.
(30) سورة النساء / 29.
(31) المغني 13 / 332.
(32) تبيين الحقائق 5 / 185، والذخيرة 4 / 110، والمجموع شرح المهذب 9 / 40، والمغني 13 / 332.
(33) المغني 13 / 332.
(34) المبدع 9 / 205.
(35) الدر المختار مع رد المحتار 5 / 215، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 157، 160، وتفسير الرازي 5 / 24، والإشراف للقاضي عبد الوهاب 2 / 257، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55، 56، وبداية المجتهد 1 / 476، والمجموع 9 / 43، ومغني المحتاج 4 / 307، والمغني لابن قدامة 13 / 330، وكشاف القناع 6 / 194، وشرح المنتهى 3 / 400، والمبدع 9 / 206، وكفاية الأخيار 2 / 143.
(36) حاشية الصاوي على الشرح الصغير 2 / 183.
(37) الأشباه لابن نجيم ص 95، المادة 22، من مجلة الأحكام العدلية، والمنثور في القواعد 2 / 320، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 84.
(38) شرح منتهى الإرادات 3 / 400.
(39) كفاية الأخيار 2 / 144.
(40) أحكام القرآن لابن العربي 1 / 55، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس 1 / 603، والذخيرة للقرافي 4 / 109، والشرح الصغير للدردير 2 / 184، والتسهيل لابن جزي ص 69، ولباب اللباب للقفصي ص 75، والقوانين الفقهية ص 178، والتفريع لابن الجلاب 1 / 407، والكافي لابن عبد البر 1 / 439، والخرشي 3 / 28، وبداية المجتهد 1 / 466، والمجموع شرح المهذب 9 / 40، 42، وكفاية الأخيار 2 / 144، والمبدع 9 / 206، والمغني 13 / 331، وتفسير الرازي 5 / 24.
(41) حديث جابر بن سمرة " أن رجلاً نزل الحرة. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 166 - 167 - ط حمص) وأحمد (5 / 104 ط الميمنية) ، وسكت عنه المنذري (5 / 326 ط دار المعرفة) ، وقال الشوكاني في نيل الأوطار (9 / 30 ط دار الجيل) : وليس في إسناده مطعن.
(42) تفسير الرازي 5 / 24، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 160.
(43) الذخيرة للقرافي 4 / 109، وعقد الجواهر الثمينة 1 / 603، والشرح الصغير للدردير 2 / 184، ولباب اللباب للقفصي ص 75، والقوانين الفقهية ص 178، والكافي لابن عبد البر 1 / 439، وبداية المجتهد 1 / 476، والتفريع لابن الجلاب 1 / 407، وكفاية الأخيار 2 / 144، ومغني المحتاج 4 / 307، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام 1 / 142، وكشاف القناع 6 / 194، وشرح منتهى الإرادات 3 / 400، والمغني 13 / 333، ومغني المحتاج 4 / 307.
(44) المغني لابن قدامة 13 / 333.
(45) رد المحتار 4 / 215، والبدائع 1 / 61، والمجموع للنووي 9 / 50، ونيل الأوطار 8 / 204.
(46) حديث: " أنه ﷺ أباح للعُرنيين شرب أبوال الإبل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 142 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1296 ط عيسى الحلبي) .
(47) قواعد الأحكام 1 / 142، (ط دار الطباع بدمشق) .
(48) التفريع لابن الجلاب 1 / 408، والذخيرة للقرافي 4 / 112، وانظر بداية المجتهد 1 / 476، وتفسير الرازي 5 / 25، والمغني 13 / 343، ومجموع فتاوى ابن تيمية 21 / 562 وما بعدها.
(49) حديث: " إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها. . . ". أخرجه ابن حبان في صحيحه (4 / 233 ط الرسالة) وأبو يعلى في المسند (12 - ط دار المأمون) ، من حديث أم سلمة ﵂، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 86 ط القدسي) : رجاله رجال الصحيح خلا حسان بن مخارق، وقد وثقه ابن حبان.
(50) سورة النساء / 160.
(51) زاد المعاد 4 / 156.
(52) سورة المائدة / 3.
(53) سورة الأنعام / 145.
(54) تفسير الفخر الرازي 5 / 19.
(55) بدائع الصنائع 1 / 63، 5 / 43، وتبيين الحقائق 1 / 26، والبحر الرائق 1 / 112، وتفسير الفخر الرازي 5 / 19، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 147، والخرشي 1 / 85، ولباب اللباب ص 75، ونهاية المحتاج 1 / 227، وأحكام القرآن للكيا الهراس 1 / 72، المغني لابن قدامة 1 / 100، والمبدع 9 / 209، 1 / 147، والفتاوى الكبرى لابن تيمية 1 / 480، ومجموع فتاوى ابن تيمية 21 / 532.
(56) بدائع الصنائع 5 / 43، وتبيين الحقائق 1 / 26، أحكام القرآن للجصاص 1 / 147، وتفسير الرازي 5 / 19، ومجموع فتاوى ابن تيمية 21 / 102.
(57) سورة النحل / 66.
(58) سورة المائدة / 3.
(59) أحكام القرآن للجصاص 1 / 85، والبدائع 5 / 41 - 43، وتفسير الرازي 5 / 19، والتفريع 1 / 408، والكافي لابن عبد البر 1 / 439، والشرح الصغير 1 / 50، والخرشي 1 / 85، والمجموع 1 / 244، ونهاية المحتاج 1 / 227، وأحكام القرآن للكيا الهراس 1 / 72، والمغني لابن قدامة 1 / 74، ومجموع فتاوى ابن تيمية 21 / 102.
(60) تفسير الرازي 5 / 19، والمجموع 1 / 244، والمغني 1 / 75.
(61) المجموع 1 / 244، والمغني 1 / 101.
(62) أحكام القرآن للجصاص 1 / 120، 149، والبدائع 5 / 43، وتبيين الحقائق 1 / 26، والمجموع 1 / 244.
(63) التفريع لابن الجلاب 1 / 408، والكافي لابن عبد البر 1 / 439 - ط الرياض، والمجموع 1 / 244، والمغني 1 / 75، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 148.
(64) أحكام القرآن للجصاص 1 / 142، والبدائع 1 / 85، والشرح الصغير للدردير 1 / 52، والذخيرة 1 / 166، والتفريع 1 / 408، وبداية المجتهد 1 / 78، والكافي لابن عبد البر 1 / 439، والمجموع 1 / 217، وأحكام القرآن للكيا الهراس 1 / 71، وتفسير الرازي 5 / 16، ومغني المحتاج 1 / 78، والمغني 1 / 89، 94، والإنصاف 1 / 86، ومجموع فتاوى ابن تيمية 21 / 95.
(65) تبيين الحقائق 1 / 26، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 149، والبدائع 1 / 63، والذخيرة 1 / 183، والتفريع 1 / 408، ومدارج السالكين 3 / 260، والكافي لابن عبد البر 1 / 439، وأحكام القرآن لابن العربي 3 / 1169، وبداية المجتهد 1 / 78، والمجموع 1 / 231، والإنصاف 1 / 92، وتفسير الرازي 5 / 15، والمغني 1 / 106.
(66) سورة النحل / 80.
(67) حديث: " إنما حرم أكلها ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 355) ، ومسلم (1 / 276 ط عيسى الحلبي) من حديث ابن عباس.
(68) أحكام القرآن للجصاص 1 / 150.
(69) الذخيرة 1 / 184.
(70) أحكام القرآن لابن العربي 3 / 1169.
(71) سورة المائدة / 3.
(72) سورة يس / 78 - 79.
(73) سورة المائدة / 3.
(74) بدائع الصنائع 1 / 63، وتبيين الحقائق 1 / 26، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 149، والإنصاف للمرداوي 1 / 92، والذخيرة للقرافي 1 / 183، والتفريع لابن جلاب 1 / 408، وتفسير الرازي 5 / 15، والكافي لابن عبد البر 1 / 439، وبداية المجتهد 1 / 78، وأحكام القرآن للكيا الهراس 1 / 72، والمجموع شرح المهذب 1 / 231، والمغني لابن قدامة 1 / 97، ومختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية ص 26.
(75) سورة المائدة / 3.
(76) أحكام القرآن للجصاص 1 / 132، وتفسير الفخر الرازي 5 / 16.
(77) أحكام القرآن 1 / 132.
(78) المغني 13 / 350.
(79) الكافي لابن عبد البر 1 / 439، والمغني 13 / 350، مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية ص 25، والمبدع 9 / 204، وكشاف القناع 6 / 192، وشرح منتهى الإرادات 3 / 399.
(80) التفريع 1 / 407.
(81) أحكام القرآن للجصاص 1 / 145، وأحكام القرآن الكريم للكيا الهراس 1 / 71، والمغني 13 / 449، وتفسير الرازي 5 / 16.
(82) حديث: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 414 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1207 ط عيسى الحلبي) .
(83) أحكام القرآن للجصاص 1 / 145، وأحكام القرآن للكيا الهراس 1 / 71.
(84) الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية للبعلي ص 26.
(85) البدائع 5 / 35، والمبسوط 11 / 249، والفتاوى الخانية 3 / 357، والتفريع 1 / 405، والقوانين الفقهية ص 176، وبداية المجتهد 1 / 76، 465، والذخيرة 1 / 179، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 52، والشرح الصغير 2 / 182، ومغني المحتاج 4 / 297، والمجموع 9 / 23، 31، وشرح منتهى الإرادات 3 / 399، والمغني 13 / 299، 345، وكشاف القناع 6 / 192.
(86) سورة المائدة / 96.
(87) فتح الباري 9 / 529، وسنن البيهقي 9 / 254.
(88) حديث: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". أخرجه أبو داود (1 / 64 ط حمص) ، والترمذي (1 / 101 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(89) حديث: " أحلت لنا ميتتان. . . ". أخرجه أحمد (2 / 97 ط الميمنية) ، وضعف إسناده ابن حجر (بلوغ المرام ص 28 ط دار إحياء العلوم) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 380/ 39