الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
(الأحد) بمعنى الواحد، وهو أولُ العدد، وأصل الهمزة فيه: (واو)، و«الواو والحاء والدال: أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانفراد». "المقاييس" لابن فارس (6 /90).
و«استأحَدَ الرجُلُ: انفرَد». "الصحاح" للجوهري (2 /440).
و«(الواحد): المتقدِّمُ في بأسٍ أو علم أو غيرِ ذلك، كأنه لا مِثْلَ له؛ فهو وَحْده لذلك». "تاج العروس" للزبيدي (9 /263).
كِلا المعنيَينِ لكلمة (الأحد) - الأولِ والواحدِ -: ثابتانِ لله سبحانه؛ فهو (الأوَّلُ) فليس قبله شيء، وهو (الواحدُ) الذي لا يشاركه غيرُه؛ لا في الذاتِ، ولا في الصفات.
يدل على إثباتِ صفة (الوَحْدانية) لله عز وجل؛ بلا شريكٍ في العبادة، وبلا مثيلٍ أو شبيه في الذات والصفات.
الفرقُ بين اسم (الأحد) واسم (الواحد): أنَّ (الأحدَ) لا يُستعمل مع العَدِّ، أما (الواحدُ) فيَلِيه؛ فلا يقال: أحد، اثنان، ثلاثة...، ولا يقال: رجُلٌ أحدٌ على سبيل العَدِّ؛ بل يقال: واحد، اثنان، ثلاثة، ويقال: رجلٌ واحد؛ وهذا معنى قول الخَطَّابي: «ومما يَفترقان به في معاني الكلام: أنَّ (الواحدَ) في جنسِ المعدود، وقد يُفتتح به العَدَدُ، و(الأحد) ينقطِعُ معه العَدَدُ». "شأن الدعاء" (ص82).
وذكَر الزَّجاجُ فرقًا آخر، فقال: «الفرقُ بين (الواحد) و(الأحد): أن (الواحدَ) يفيد وَحْدةَ الذات فقط، و(الأحد) يفيده بالذاتِ والمعاني». "تفسير أسماء الله الحسنى" (ص58).
انظر: الواحدوهو توحيدٌ مِن الله لنفسه، وأمرٌ للمخاطَب بتوحيده؛ فقد كان سببَ نزولِ الآية: أنَّ نَفَرًا من المشركين سألوا النبيَّ ﷺ أن يَصِفَ لهم رَبَّه، قال ابنُ جرير: «قُلْ يا مُحمَّدُ لهؤلاء السائلين عن نَسَبِ رَبِّك، وصفتِه، ومَن خلَقه: الرَّبُّ الذي سألتموني عنه هو الذي له عبادةُ كلِّ شيء؛ لا تنبغي العبادةُ إلا له، ولا تصلُحُ لشيءٍ سِواه». "تفسير الطبري" (30 /343).
جاء ذكرُ اسمِ (الأحد) في الحديث القدسيِّ الذي يرويه أبو هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ ﷺ، قال: «قال اللهُ: كذَّبَني ابنُ آدَمَ ولم يكُنْ له ذلك، وشتَمَني ولم يكُنْ له ذلك؛ فأمَّا تكذيبُه إيَّايَ فقولُه: لن يُعِيدَني كما بدَأَني، وليس أوَّلُ الخَلْقِ بأهوَنَ عليَّ مِن إعادتِه، وأمَّا شَتْمُه إيَّايَ فقولُه: اتَّخَذَ اللهُ ولدًا، وأنا الأحدُ، الصَّمَدُ، لم أَلِدْ، ولم أُولَدْ، ولم يكُنْ لي كُفُوًا أحَدٌ». البخاري (4974).
* وورَد أيضًا في حديث بُرَيدةَ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ سَمِعَ رجُلًا يقولُ: اللهمَّ إنِّي أسألُك بأنِّي أشهَدُ أنَّك أنت اللهُ، لا إلهَ إلا أنت، الأحدُ، الصَّمَدُ، الذي لم يَلِدْ، ولم يُولَدْ، ولم يكُنْ له كُفُوًا أحدٌ، فقال: «والذي نفسي بيدِه، لقد سألَ اللهَ باسمِه الأعظَمِ الذي إذا دُعِيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطى»». أخرجه أبو داود (1493).
فوجودُ أكثَرَ مِن إلهٍ واحد مستحيلٌ عقلًا؛ لأنهم إما أن يخلُقوا ويحكُموا معًا، فينفرِدَ كلُّ إلهٍ بما خلَق، وينعدِمَ انتظامُ الوجود؛ وهذا ليس كائنًا؛ لأن المُشاهَدَ أن الوجودَ منتظِمٌ؛ كما قال تعالى: ﴿مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ اْلرَّحْمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ﴾ [الملك: 3]، وإما أن يَعمَلَ ويحكُمَ واحدٌ دون غيرِه؛ وهذا لا يكون أيضًا؛ لأن المتعطِّلَ لا يستحِقُّ الألوهيةَ.
فانتظامُ العالَمِ، وعدمُ فساده، وعدم أحقِّيَّةِ المتعطِّل بالألوهيَّة: دليلٌ على أنه ليس هناك إلا إلهٌ واحد لا شريكَ له.
إنَّ مَن أدرَك أنه سبحانه فردٌ في ذاته لا مثيلَ له ولا شبيهَ، وفي أفعاله إذ تفرَّدَ بالإيجاد والإمداد والبَسْطِ والقبض والنفع والضُّرِّ: أفرَدَه - ولا بدَّ - بالعبادةِ؛ فلم يُشرِكْ به شيئًا شركًا أكبَرَ، ولا أصغَرَ؛ كالتعلُّق بالأسباب، والرِّياء، وغيرِ ذلك.
«الأحدُ: المتضمِّن لانفرادِه بالرُّبوبيَّة والإلهيَّة».
ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "بدائع الفوائد" (1 /146).
«هو الواحدُ الأحد، الذي لا نظيرَ له، ولا وزيرَ، ولا نديدَ، ولا شبيهَ، ولا عديلَ، ولا يُطلَق هذا اللفظُ على أحدٍ في الإثبات إلا على اللهِ عز وجل؛ لأنه الكاملُ في جميعِ صفاته وأفعاله».
ابن كَثِير "تفسير القرآن العظيم" (14 /513).