البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي: سامع، مثل: عليم بمعنى عالم وقدير بمعنى قادر، والسمع هو إدراك الصوت، واسم (السميع) هو من أسماء الله الحسنى، و يدل على إثبات صفة السمع لله تعالى، فهو يسمع سمعًا يليق بجلاله وعظمته. وهو اسم ثابت له عز وجل بالقرآن والسنة، وعليه إجماع الأمة، والعقل دالٌّ عليه

التعريف

التعريف لغة

(السميع) صيغة المبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي: سامع، كما يقال: عليم بمعنى عالم، وقدير بمعنى قادر، إلا أنه أبلغ في الصفة. ورد في معاجم أهل اللغة: «السَّمْع مصدر للفعل: سَمِعَ يَسْمَع سَمْعًا وسماعًا، وهو إيناس الشيء بالأذن»"المقاييس" لابن فارس (3/102). وقالوا: «السمع للإنسان وغيره: حس الأذن، أو ما وقر في الأذن من شيء تسمعه» "اللسان" لابن منظور (3/2096)، وهذا المعنى مختَصٌّ بسمع أغلب المخلوقات، ولو فُسِّر بـ(إدراك الصوت) لكان أولى؛ لأنه لا يشترط في السمع الأذن، كسمع الملائكة؛ فهو ثابت لها، ولا يستلزم إثباته إثبات الآذان. ويجيء في كلامهم (سَمِعَ) بمعنى أجاب، قال الخطابي: «وقد يكون السماع بمعنى القبول والإجابة. كقول النبي : «اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع»، أي: من دعاء لا يستجاب، ومن هذا قول المصلي: «سمع الله لمن حمده» البخاري (690) مسلم (401)، معناه: قَبِلَ الله حمْد من حمده. "شأن الدعاء" (ص59)، وانظر "تفسير الأسماء" للزجاج (ص42).

التعريف اصطلاحًا

السميع اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على إثبات صفة السمع لله تعالى، وهي صفة ذاتية له، يسمع سمعًا يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف، ولا تعطيل، ولا تمثيل. فهو الذي يسمع السر والنجوى، سواءٌ عنده الجهر والخفوت، والنطق والسكوت. انظر "شأن الدعاء" للخطابي (ص59)، ويذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تفصيلًا وافيًا في اصطلاحات السمع فيقول: «فعل السمع يراد به أربعة معان: أحدها: سمع إدراك ومتعلَّقه الأصوات الثاني: سمع فهم وعقل ومتعلَّقه المعاني الثالث: سمع إجابة وإعطاءِ ما سُئِل الرابع: سمع قبول وانقياد فمن الأول: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة: 1]، و﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا﴾ [آل عمران: 181]. ومن الثاني: قوله: ﴿لا تَقُولُوا راعِنا وقُولُوا انْظُرْنا واسْمَعُوا﴾ [البقرة: 104]، ليس المراد سمع مجرد الكلام بل سمع الفهم والعقل، ومنه: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [البقرة: 285]. ومن الثالث: «سمع الله لمن حمده»، وفي الدعاء المأثور «اللهم اسمع» أي أجب وأعطِ ما سألتك. ومن الرابع: قوله تعالى: ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ أي: قابلون له، ومنقادون غير منكرين له، ومنه على أصح القولين: ﴿وفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ﴾ أي قابلون ومنقادون» "بدائع الفوائد" (2/75-76). ويثبت لله منها المعنى الأول والثالث؛ فهو يسمع جميع الأصوات الظاهرة والباطنة، والخفية والجلية، وإحاطته بها تامة، كما قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنبياء: 4]، وكذلك يسمع ويجيب عباده السائلين، كما قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 39].

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

ما دلّت عليه اللغة يتفق مع ما اصطلح عليه في معنى اسم الله (السميع) وهو: إدراك الصوت، وإجابة الدعاء، والمعنيان ثابتان لله عز وجل على وجه يليق به.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل اسم (السميع) على إثبات صفة السمع لله تعالى على وجه يليق به، دون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل.

الأدلة

القرآن الكريم

السميع في القرآن الكريم
ورد اسم الله تعالى (السميع) في القرآن الكريم في (45) موضعًا، منها: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] قال ابن الهائم: «ليس كمثله شيء أي: ليس مثله شيء والعرب تقيم المثل مقام النفس فتقول: مثلي لا يقال له هذا أي أنا لا يقال لي هذا.» "التبيان" (ص288). وجاء أيضًا في قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: 1]، وفيه لطائفُ كثيرة، يقول القشيريّ: «لمَّا صَدَقَت في شكواها إلى الله وأيِسَتْ من استكشاف ضُرِّها من غير الله - أنزل الله في شأنها : ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾. تَضَرَّعَتْ إلى الله، ورَفَعَتْ قِصَّتَها إلى الله، ونَشَرت غُصَّتَها بين يدي الله - فنَظرَ إليها الله، وقال : ﴿ قَدْ سَمِع اللَّهُ ﴾. ويقال : صارت فرجةً ورخصةً للمسلمين إلى القيامة في مسألة الظِّهار، وليعلم العالِمون أنَّ أحداً لا يخسر عَلَى الله. وفي الخبر : أنها قالت : " يا رسول الله، إنَّ أوساً تزوَّجني شابَّةً غنيةً ذات أهلٍ، ومالٍ كثير، فلما كبرت سِنِّي، وذَهَبَ مالي، وتَفَرَّق أهلي جعلني عليه كظَهْرِ أُمِّه، وقد ندِم وندمِت، وإنَّ لي منه صبيةً صِغَاراً إن ضَمَمْتُهم إليه ضاعوا، وإن ضممتُهم إليّ جاعوا ". فقال لها الرسول - في رواية- : " ما أُمِرْتُ بشيءٍ في شأنك ". وفي رواية أخرى أنه قال لها : " بنْتِ عنه " (أي حرمت عليه). فترددت إلى رسول الله في ذلك، وشكت.. إلى أن أنزل الله حُكْم الظِّهار.» "لطائف الإشارات" (3/548). وعلى المؤمن في كل حوار له ومناقشة أن يتذكر هذه الآية: ﴿والله يسمع تحاوركما﴾ فيُخْلي كلامه من السب والشتم والطعن، ومن الكذب، والغيبة والنميمة وكل كلام محرَّم. وقد اقترن اسم الله (السميع) باسمه (العليم) في مواطن كثيرة، كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، وكقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1]، وهذا الاقتران يمنح الاسمين مزيدًا من الكمال، فمعلومٌ أن صفة السمع تنبئ بإحاطة سمع الله لكل المسموعات، وأنه تعالى لا يغيب عنه شيء منها، إلا أن الاقتران بالعلم يُنبئ بتجاوز السمع حدود البعد المادي للمسموعات، فالله يسمعها ويعلم حقائقها، فيكون اقتران الاسمين (السميع العليم) صفةَ كمال أخرى، تدل على إحاطة أتمّ. انظر للاستزادة "مطابقة أسماء الله الحسنى مقتضى المقام في القرآن الكريم" لنجلاء كردي (ص247).

السنة النبوية

السميع في السنة النبوية
ورد اسم الله (السميع) في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: كنا مع النبي في سفر، فَكُنّا إذا عَلَونا كبرنا، فقال: «اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا، ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال لي: يا عبد الله بن قيس، قل لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة، - أو قال ألا أدلك به -.» البخاري (7386) ومسلم (2704). وورد ذكر صفة السمع التي يدل عليها اسم الله (السميع) في أحاديث عدّة، منها: 1 - حديث عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة وقولها: «الحمد لله الذي وسع سمعُه الأصوات». البخاري تعليقًا (13/‏372)، والنسائي (3460) وابن ماجة (188) وأحمد (24195). 2 - وكذا حديثها رضي الله عنها أنها قالت للنبي : هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد؟ فقال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة … (وفي الحديث): فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك، وأنا ملك الجبال …». البخاري (3231) ومسلم (1795).

الإجماع

اسم الله (السميع) ثابت بالإجماع، قال القشيري في مطلع كلامه عن اسمي (السميع) و(البصير): «هما اسمان من أسمائه تعالى ورد بهما النص وانعقد عليهما الإجماع» "شرح الأسماء" (ص129).

العقل

يُثبت العقلُ سمعَ الله بقياس الأولى؛ لأن السمع صفة كمال، وعدمه صفة نقص، ومن المعلوم أن كل كمال لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة الُمحدثة فالرب الخالق هو أولى به، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزَّه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق هو أولى أن ينزَّه عنه. انظر "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

للإيمان بهذا الاسم آثار سلوكية عظيمة، منها: · مراقبة الله عز وجل في السر والعلانية، والخفاء والجلاء، فكله سواءٌ عند الله، كما قال جل جلاله: ﴿سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾ [الرعد: 10] · وهذا يثمر في قلب العبد الخوف من الله عز وجل، وهو أول أركان التقوى كما نُقل عن الإمام علي رضي الله عنه: «التقوى: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل»، فيخاف العبد المؤمن باسم الله (السميع) أن ينطق بما يسخط الله تعالى، فالله يسمع ذلك، والملائكة تكتبه. · يتحصّل من ذلك أن يحفظ المرءُ لسانه، ويتجنَّب كل كلام حرمه الله عز وجل، وهذه ثمرة عظيمة، فاللسان يرفع صاحبه أو ينزل به، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم» البخاري (6478).

المظاهر في الكون والحياة

من مظاهر اسم الله (السميع) في الكون والحياة استجابته سبحانه للدعاء، فكم من داعٍ دعا السميع البصير فاستجاب له وأعطاه سؤله، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا، فترى ذلك في قصص الأنبياء ومن دونهم، من الأولياء والصالحين، وحتى العصاة والمذنبين، فانظر مثًلا قصة سيدنا يونس عليه السلام عندما التقمه الحوت؛ ينادي الله ويرفع صوته وهو في بطن الحوت، وتحت لُجَج البحر، فيسمع الله دعاءه ونداءه ويستجيب له! يصف الله حاله فيقول: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87-88]. فسبحان من يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء !

أقوال أهل العلم

وهو السَّميعُ يَرى ويَسْمعُ كلَّ ما*****في الكون من سِرٍّ ومن إعلانِ ولكلِّ صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ *****فالسِّرُّ والإِعلان مستويــــــانِ والسَّمعُ منه واسعُ الأصواتِ لا *****يخفى عليه بعيدُهـــا والدانـــــي ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة النونية (2/215)
«ومن أسمائه الحسنى السميع الذي يسمع جميع الأصوات باختلاف اللغات على تفنّن الحالات، فالسر عنده علانية، والبعيد عنده قريب» ابن سَعْدي "توضيح الكافية الشافية" (ص118)
«والعجب من قوم فسّروا (السميع) بمعنى المُسمِع فرارًا من وصف الله بأن له سمعًا، وقد ذكر الله الفعل في غير موضع من كتابه، فهو سميع ذو سمع، بلا تكييف ولا تشبيه بالسميع من خلقه، ولا سمعه كسمع خلقه، ونحن نصف الله بما وصف به تفسه بلا تحديد ولا تكييف» الأَزْهَري "تهذيب اللغة" (2/124)