البحث

عبارات مقترحة:

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

احتقار المسلمين والسخرية منهم

احتقار المسلمين والسخرية منهم آفة أخلاقية واجتماعية خطيرة، فهي تنافي ما يوجبه الحق، وهي ظلم قبيح من الإنسان لأخيه الإنسان، وعدوان على كرامته، وإيذاء لنفسه وقلبه، ومن آثارها أنها تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة والتواد والتراحم، وتبذر بذور العداوة والبغضاء، وتولد الرغبة بالانتقام، ثم أعمال الانتقام، ما استطاع المظلوم بها إلى ذلك سبيلًا، فلذلك يقف الإسلام من الاحتقار موقف الرفض.

التعريف

التعريف لغة

«الحَقْرُ فِي كُلِّ الْمَعَانِي: الذِّلَّة؛ حَقَرَ يَحْقِرُ حَقْراً وحُقْرِيَّةً، وَكَذَلِكَ الاحْتِقارُ. والحَقِيرُ: الصَّغِيرُ الذَّلِيلُ ، حَقِرَ إِذا صَارَ حَقِيرًا أَي ذَلِيلًا. وتَحاقَرَتْ إِليه نَفْسُهُ؛ تَصاغَرَتْ. والتَّحْقِيرُ: التصغيرُ. والمُحَقَّراتُ: الصَّغَائِرُ. وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر مَحْقَرَةٌ بِكَ أَي حَقارَةٌ». "لسان العرب" لابن منظور (207/4). أما السخرية: «يقال: سَخِرَ منه وبه سَخْرًا وسَخَرًا ومَسْخَرًا وسُخْرًا بالضم وسُخْرَةً وسِخْرِيًّا وسُخْرِيًّا وسُخْرِيَّة: هزئ به، والاسم السخرية والسُّخري ويكسر». "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص 405)، "لسان العرب" لابن منظور (4/352).

التعريف اصطلاحًا

«الاحتقار: هُوَ كالتحقير، لِأَن الافتعال قد يَأْتِي بِمَعْنى التفعيل، وَهُوَ نِسْبَة الحقارة إِلَى شَيْء بِالْقَلْبِ والقالب». "الكليات" للكفوي (ص56). «وهو استصغار شخص ما أو طائفة لشخص آخر، أو لطائفة أخرى في نفسه، أو فيما يصدر عنه بصورة تؤدي إلى الإذلال والإهانة مع المبالغة أو بلا مبالغة». «معنى السخرية الاستهانة والتحقير، والتنبيه على العيوب والنقائص، على وجه يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في القول والفعل، وقد يكون بالإشارة والإيماء». "إحياء علوم الدين" للغزالي (ص 192).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى اللغوي والاصطلاحي يدوران حول التصغير.

الفروق

الفرق بين احتقار المسلمين والسخرية منهم و سورة الهمزة

الاحتقار: قريب من الإهانة وَقد فرقوا بَينهمَا بِأَن الإهانة تحصل بقول أَو فعل. "دستور العلماء" لنكري (37/1). انظر: سورة الهمزة

الفرق بين احتقار المسلمين والسخرية منهم و الاستهزاء

«الاستهزاء هو: ارتياد الهزء من غير أن يسبق منه فعل يستهزأ به من أجله». "الفروق" لأبي هلال العسكري (ص 254)، "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص 50). وقال ابن تيمية: «الاستهزاء هو: السخرية؛ وهو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب لا على الجد والحقيقة، فالذي يسخر بالناس هو الذي يذم صفاتهم وأفعالهم ذمًّا يخرجها عن درجة الاعتبار، كما سخروا بالمطوِّعين من المؤمنين في الصدقات». "الفتاوى الكبرى" (6/22).

الفرق بين احتقار المسلمين والسخرية منهم و الهمز واللمز

قال المبرد: «الهمز هو أن يهمز الإنسان بقول قبيح من حيث لا يسمع، أو يحثه ويوسده على أمر قبيح أي يغريه به، واللمز أجهر من الهمز، وفي القرآن: ﴿هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ [المؤمنون: 97] ولم يقل لمزات؛ لأنَّ مكايدة الشيطان خفية، قال: المشهور عند الناس أنَّ اللمز العيب سرًّا، والهمز العيب بكسر العين، وقال قتادة: يلمزك في الصدقات يطعن عليك، وهو دال على صحة القول الأول». "الفروق" لأبي هلال العسكري (ص 559).

الأدلة

القرآن الكريم

احتقار المسلمين والسخرية منهم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسْخَرْ قَوْمٞ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيْرٗا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرٗا مِّنْهُنَّۖ وَلَا تَلْمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُواْ بِاْلْأَلْقَٰبِۖ بِئْسَ اْلِاْسْمُ اْلْفُسُوقُ بَعْدَ اْلْإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلظَّٰلِمُونَ﴾ [ الحجرات: 11]. وقال تعالى: ﴿وَيْلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]. وقال تعالى: ﴿ فَاْتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾ [المؤمنون: 110]. وقال تعالى: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [القلم: 11 ]، أي: يحتقر الناس ويهمزهم طاغيًا عليهم، ويمشي بينهم بالنميمة، وهي اللمز بالمقال. وقال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفرُوا الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [البقرة: 212]. وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾ [المطَّففين: 29-30]. وقال سبحانه: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: 32].

السنة النبوية

احتقار المسلمين والسخرية منهم في السنة النبوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله قال: «لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ». أخرجه مسلم (2564). عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان! إني قد غفرت له، وأحبطت عملك». أخرجه مسلم (2621). في هذا الحديث: التحذير من احتقار أحد من المسلمين. عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر!» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبُه حسنًا، ونعله حسنة، فقال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق، وغمط الناس». أخرجه مسلم(91). «وغمطهم»: احتقارهم. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي قال: «إنَّ اللهَ أوحى إليَّ أن تَواضَعُوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد». أخرجه مسلم.

أقوال أهل العلم

«لو سخرت من كلب، لخشيت أن أكون كلبًا، وإني لأكره أن أرى الرجل فارغًا؛ ليس في عمل آخرة ولا دنيا». ابن مَسْعُود أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8/390)، "تاريخ دمشق" لابن عساكر(33/170)، واللفظ له.
«لو رأيت رجلًا يرضع شاة في الطريق فسخرت منه، خفت أن لا أموت حتى أرضعها». أَبُو مُوسى الأشْعَري رواه بتمامه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8/389)، وروى المرفوع منه مسلم في "صحيحه" (2572).
«كنا عند عائشة فسقط فسطاط على إنسان فضحكوا، فقالت عائشة: لا سخر، سمعت رسول الله يقول: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة». الأَسْوَد النَّخَعي رواه أبو داود الطيالسي في "المسند" (1477).
«ليكن حظ المؤمن منك ثلاثًا: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه». يحَيْى بن مُعَاذ "تنبيه الغافلين" للسمرقندي (ص 165).
«إن كل من افتخر على إخوانه واحتقر أحدًا من أقرانه وأخدانه، أو سخر أو استهزأ بأحد من المؤمنين، فقد باء بالإثم والوزر المبين» السَّفَّارِيني "غذاء الألباب" للسفاريني (ص 134).
«لا تحتقر غيرك عسى أن يكون عند الله خيرًا منك، وأفضل وأقرب». ابن حَجَر الهَيْتَمي "الزواجر" لابن حجر الهيتمي (2/8).

الصور

1- السخرية: قال ابن النحاس: «واعلم أنَّ معنى السخرية والاستحقار والاستهانة، والتنبيه على العيوب والنقايص على من يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء، وقد يكون بالضحك؛ كأن يضحك على كلامه إذا تخبط فيه أو غلط، أو على صنعته، أو قبح في صورته ونحو ذلك». 2- الهمز واللمز: قد نهى الله عز وجل عن الهمز واللمز في كتابه، وتوعد من يفعل ذلك، قال تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: 58] 3- التنابز بالألقاب: قال ابن عباس: «التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل السيئات ثم تاب، فنهى الله أن يعير بما سلف». "جامع البيان" للطبري (22/301-302). 4- التعيير والتهكم: قال الكفوي في معنى التهكم: «هو ما كان ظاهره جدًّا وباطنه هزلًا، والهزل الذي يراد به الجد بالعكس، ولا تخلو ألفاظ التهكم من لفظة من اللفظ الدال على نوع من أنواع الذم، أو لفظة من معناها الهجو». "الكليات" للكفوي (ص 303).

الأقسام والأنواع

للسخرية من الناس أشكال عديدة، وأنواع كثيرة، كلها تدل على نقص في الإيمان، وضعف في الدين، وسخافة عقل وسوء خلق. ومن ذلكم: • الاستهزاء بأهل الفضل والخير من المؤمنين والمؤمنات. • السخرية من الناس لعيب في خِلقتِهم وصورتهم. • الاستهزاء بالمقصّرين المذنبين من المسلمين.

العقوبة

1 - احتمال الإثم والبهتان العظيم: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾. [ الأحزاب : 58 ]. 2 - دخول النار: في الحديث: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ، ما يَتَبَيَّنُ فيها، يَزِلُّ بها في النَّارِ أبْعَدَ ممَّا بيْنَ المَشْرِقِ». أخرجه البخاري (6477).

وسائل الاجتناب

1- معرفة حكم احتقار المسلمين وتغليظ حرمته: في الحديث: «بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ». أخرجه مسلم (2564). وربما كان المحتَقَر أطهر عند الله قلبًا، وأزكى عملًا، واخلص نية. "تذكرة السامع والمتكلم" لابن جماعة (ص56). 2- تذكير النفس بالعواقب والآثار المترتبة على احتقار المسلمين، سواء كانت عواقب ذاتية، أو متصلة بالعمل الإسلامي، وسواء كانت دنيوية، أو أخروية، فلعل هذا التذكير يحرك النفس من داخلها، ويحملها على أن تتوب، وتتدارك أمرها، قبل ضياع العمر وفوات الأوان. 3- الإكثار من ذكر الله: أنَّ أعرابيًّا قال لرسول الله : «إنَّ شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فأنبئني منها بشيء أتشبث به ، قال: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله عزَّ وجلَّ» أخرجه الترمذي (3375)، وابن ماجه (3793). 4- مصاحبة ومجالسة الأخيار والانسلاخ من صحبة المتكبرين، والارتماء في أحضان المتواضعين المخبتين، فربما تعكس هذه الصحبة بمرور الأيام شعاعها عليه، فيعود له سناؤه، وضياؤه الفطري، كما كان عند ولادته : قال : "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل". أخرجه أبو داود (4833)، والتِّرمذي (2378). 5- أن يتذكر البعث والنشور والحساب وأن الجوارح مستنطقة، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ [ النور : 24-25 ]. 6- التفكر في النفس، وفي الكون، بل وفي كلِّ النعم التي تحيط به، من أعلاه إلى أدناه، مَن مصدر ذلك كله؟ ومَن ممسكه؟ وبأيِّ شيء استحقه العباد؟ وكيف تكون حاله لو سلبت منه نعمة واحدة، فضلًا عن باقي النعم؟ فإن ذلك التفكر لو كانت معه جدِّية، يحرك النفس ويجعلها تشعر بخطر ما هي فيه، إن لم تبادر بالتوبة والرجوع إلى ربها. 7- النظر في أخبار المتكبرين والذين كانوا يحتقرون الناس، كيف كانوا؟ وإلى أي شيء صاروا؟ من إبليس والنمرود إلى فرعون، إلى هامان، إلى قارون، إلى أبي جهل، إلى أبي بن خلف، إلى سائر الطغاة والجبارين والمجرمين، في كلِّ العصور والبيئات، فإنَّ ذلك مما يخوِّف النفس، ويحملها على التوبة والإقلاع، خشية أن تصير إلى نفس المصير، وكتاب الله عزَّ وجلَّ، وسنة النَّبي ، وكتب التراجم، والتاريخ، خير ما يُعين على ذلك. 8-النظر في سيرة النبي وسيرة أصحابه رضي الله عنهم.